ناوي شغل

انهيار سوق الاسهم "الكساد العظيم"

اسم التطبيق
انهيار سوق الاسهم "الكساد العظيم"
التحميلات
+10,000,000
تسعير التطبيق
مجاني
التقييمات
الفحص
آمن 100%

نتناول في هذا المقال واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، أزمة لم تقتصر آثارها على دولة بعينها، بل امتدت لتصيب العالم بأسره بالشلل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. إنها الأزمة التي اندلعت في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الممتدة من عام 1929 حتى عام 1939، والتي عُرفت باسم الكساد العظيم.

تُعد هذه الأزمة أطول وأشد فترة ركود اقتصادي شهدها النظام الرأسمالي الحديث، وقد تسببت في انهيار الأسواق، وإفلاس البنوك، وانتشار البطالة، وتراجع الإنتاج، وانهيار الثقة في المؤسسات الاقتصادية. ولم تكن مجرد أزمة مالية عابرة، بل شكلت نقطة تحول جوهرية في الفكر الاقتصادي، ودور الدولة، والنظام النقدي العالمي.

فما الذي حدث بالضبط؟ وكيف تحولت فقاعة مالية إلى كارثة عالمية؟ ولماذا كانت الولايات المتحدة في قلب هذه العاصفة؟ هذا ما سنحاول فهمه وتحليله في هذا المقال.

أسباب انهيار سوق الأسهم وبداية الكساد العظيم

بدأت جذور الكساد العظيم في عشرينيات القرن العشرين، وهي الفترة التي عُرفت بازدهار اقتصادي ظاهري في الولايات المتحدة. شهدت الأسواق المالية نموًا سريعًا، وارتفعت أسعار الأسهم بشكل غير مسبوق، مدفوعة بتفاؤل مفرط بشأن المستقبل الاقتصادي. غير أن هذا الازدهار لم يكن قائمًا على أسس اقتصادية حقيقية، بل على مضاربات واسعة النطاق وتوسع ائتماني غير منضبط.

في عام 1929، وتحديدًا في شهر أكتوبر، انفجرت فقاعة سوق الأسهم. ويُقصد بالفقاعة هنا الارتفاع المصطنع في أسعار الأصول المالية دون أن يقابله نمو حقيقي في الإنتاج أو الأرباح. فقد كانت قيمة الأسهم أعلى بكثير من قيمتها الفعلية، وهو ما جعل السوق هشًا ومعرضًا للانهيار في أي لحظة.

ساهمت التسهيلات الائتمانية الكبيرة في تعميق الأزمة، حيث سمحت البنوك للمستثمرين بالاقتراض بمبالغ ضخمة بفوائد منخفضة لشراء الأسهم. هذا التوسع الائتماني خلق وهم الثراء السريع، ودفع ملايين الأمريكيين إلى دخول سوق الأسهم دون وعي بالمخاطر. ومع أول إشارة لانخفاض الأسعار، بدأ الذعر ينتشر، وسارع المستثمرون إلى بيع أسهمهم، مما أدى إلى انهيار حاد في السوق.

انهارت الثقة في النظام المالي، وبدأت البنوك تعاني من موجات سحب جماعي للودائع، ما أدى إلى إفلاس آلاف المؤسسات المصرفية. ومع توقف الائتمان، انخفض الاستثمار، وتراجع الإنتاج الصناعي، وارتفعت معدلات البطالة بشكل كارثي، لتدخل الولايات المتحدة رسميًا في أعمق أزمة اقتصادية في تاريخها.

انتقال الأزمة من أمريكا إلى العالم وتأثيرها العالمي

لم تكن أزمة الكساد العظيم محصورة داخل حدود الولايات المتحدة، بل سرعان ما انتقلت إلى بقية دول العالم. ويرجع ذلك إلى الترابط الوثيق بين الاقتصادات العالمية آنذاك، من خلال التجارة الدولية، والديون، والنظام النقدي القائم على ربط العملات بالذهب.

كانت الولايات المتحدة تمثل محورًا أساسيًا في الاقتصاد العالمي، ومع انهيار اقتصادها، تراجعت وارداتها من الدول الأخرى، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج والصادرات في أوروبا وآسيا وأفريقيا. كما عجزت العديد من الدول عن سداد ديونها، خاصة تلك التي كانت تعتمد على القروض الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى.

انتشرت البطالة والفقر في مختلف أنحاء العالم، وانهارت العملات، وارتفعت معدلات التضخم والانكماش الاقتصادي. ولم تكن الآثار اقتصادية فقط، بل امتدت لتشمل اضطرابات سياسية واجتماعية خطيرة. ففي دول مثل ألمانيا واليابان، ساهمت الأزمة في تصاعد النزعات القومية والعسكرية، واستغلال الغضب الشعبي لتعزيز الأنظمة الاستبدادية.

وقد شكّل هذا المناخ المضطرب أحد العوامل الرئيسية التي مهدت الطريق لاندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث تحولت الأزمة الاقتصادية إلى أزمة سياسية عالمية. وهكذا، لم يكن الكساد العظيم مجرد انهيار مالي، بل كان شرارة أعادت تشكيل خريطة العالم.

مواضيع قد تهمك

سياسات المواجهة والتدخل الحكومي في الاقتصاد

في مواجهة هذه الكارثة، اضطرت الحكومات إلى التخلي عن سياسات عدم التدخل، واللجوء إلى أدوات مالية ونقدية غير مسبوقة لإنقاذ الاقتصاد. وتمثلت السياسة المالية في زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب، بهدف تحفيز الطلب وتقليل معاناة المواطنين.

أشهر مثال على ذلك كان برنامج الصفقة الجديدة (New Deal) الذي أطلقه الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بين عامي 1933 و1939. تضمن البرنامج مشاريع ضخمة للبنية التحتية، وإصلاحات في الزراعة والصناعة، وتنظيم القطاع المالي، وتوسيع دور الحكومة الفيدرالية في الاقتصاد. وقد ساهمت هذه الإجراءات في تحسين الأوضاع المعيشية لملايين الأمريكيين، لكنها لم تكن كافية وحدها لإنهاء الأزمة.

أما السياسة النقدية، فقد لعبت دورًا أكثر تأثيرًا، خاصة بعد تخلي بعض الدول عن نظام ربط العملة بالذهب. كان هذا النظام يقيد قدرة البنوك المركزية على توسيع الائتمان وخفض أسعار الفائدة. ومع التخلي عنه، أصبحت الدول أكثر حرية في زيادة المعروض النقدي وتحفيز الاستثمار والتجارة.

ورغم أن هذه السياسات ساعدت في التعافي الاقتصادي، فإنها فتحت الباب لأزمات لاحقة، وأعادت الجدل حول استقرار النظام النقدي العالمي، وهو جدل ما زال قائمًا حتى اليوم.

تقييم الكساد العظيم ودروسه التاريخية

يُعد الكساد العظيم تجربة مفصلية في التاريخ الاقتصادي الحديث، إذ كشف عن هشاشة النظام الرأسمالي غير المنظم، وأبرز أهمية دور الدولة في تنظيم الأسواق وحماية المجتمع من الانهيارات الشاملة. انتهت الأزمة رسميًا عام 1939، لكن آثارها استمرت لسنوات طويلة، وأعادت تشكيل السياسات الاقتصادية العالمية.

أدت الأزمة إلى ظهور نظريات اقتصادية جديدة، أبرزها الفكر الكينزي، الذي دعا إلى تدخل الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. كما شجعت على البحث عن بدائل للنظام المالي التقليدي، وفتحت الباب أمام نماذج اقتصادية أخرى، من بينها الاقتصاد الإسلامي، والبنوك الإسلامية، التي تسعى إلى تحقيق العدالة والاستقرار.

واليوم، ومع محاولات بعض الدول لإعادة التفكير في النظام النقدي العالمي وربط العملات بالذهب أو الأصول الحقيقية، يظل الكساد العظيم درسًا تاريخيًا حيًا، يذكرنا بأن الاقتصاد ليس مجرد أرقام، بل منظومة تؤثر في حياة الشعوب ومستقبل العالم بأسره.

المصادر والمراجع

  1. جون كينيث جالبريث – الكساد العظيم 1929
  2. بن برنانكي – الأزمة المالية العالمية وأسبابها
  3. ميلتون فريدمان وآنا شوارتز – تاريخ النقد في الولايات المتحدة
  4. باري آيكنغرين – الاقتصاد العالمي في زمن الكساد
  5. بول كينيدي – صعود وسقوط القوى العظمى

المصادر 

  1. تعرف على أزمة 1929

  2. شرح أسباب الكسادالعظيم

  1. دراسة التدخلات الاقتصادية الهامة

  2. أهم برامج نيو ديل

  1. تقييم تأثير نيو ديل

  2. قراءة شاملة عن الكساد

فهم تعافي الاقتصادالأمريكي



شاركنا رأيك

لن يتم نشر بريدك